الأحد، 24 ديسمبر 2017

مذكرات مخبأة في درج الكوميدينو- صدفة كحلم (6)

(6)
صدفة كحلم

يتكرر نفس الحلم كثيرًا تلك الأيام، كنت لا أحلم لفترة كبيرة، مع أني اعتدت أن أنام ساعات كثيرة، إلا أنني لم أكن أحلم، أو بمعنى أصح لم أكن اتذكر الحلم بعد أن استيقظ، ذلك الحلم يراودني كثيرًا، يتكرر باستمرار، مع أن نومي أصبح شبه نادرًا بالمقارنة بما مضى، إلا أنني أتذكر جيدًا الحلم بعد أن استيقظ، من الأرجح أن سبب استحضاري للحلم دومًا هو أنني أراها في الحلم، أخلق الصدفة التي أراها فيها، أراني جالسًا في المقهى مع بعض الأصدقاء اتسامر معهم، أحتسي قهوتي السادة اسكتو، ألمحها تعبر من أمامي، تعطي الرجل كيس البن خاصتها، ليصنع لها فنجانها الخاص، قهوتها اسكتو كذلك، اصطنعت أنني لم أراها، لكنني  تتبعتها بنظري، أراقبها، حتى جلست منفردة في إحدى زوايا مدخل المقهى، المقهى مزدحم، لكنني أراها بوضوح بين الزحام، كانت ملامحها واضحة بالنسبة لي، مع إنها تظهر بعيدة بين الزحام والضوضاء، لم استطع أن أفلتها بنظري، سرحت مع حضورها، ونسيت ما كنت أخبره لصديقي، إنه اعتاد شرودي ذلك، لا يهم، هو الآن يتهامز مع من بجانبه، بالتأكيد فهما يتكلمان عني، أعلم، لكن لا يهم، كنت أرغب في أن أترك جلسة النميمة تلك، وأتحرك ناحيتها، أجلس معها، لأنني افتقدها كثيرًا، خيل لي أنني فعلت ذلك، خيل لي طيفي ينهض، يتوغل الزحام، يجلس أمامها، ينظر إلى عينها البراقة، تبتسم له، فيبتسم لها، لكنه لم يحدث، لم أتحرك، عدت إلى جلسة النميمة، كان صديقي يحدثنا عن آخر علاقاته العاطفية والتي فشلت كعادته، أخبرنا عن أنه كاد لها، والتقط صورة له مع إحدى صديقاته، تشبه صورة له معها عندما كانا يقفان على الرصيف المقابل لمحل الأيس كريم، في شتاء ما، وهو واضعًا كف يده أمام عينيها، يحجبهما عن الكاميرا، أرانا الصورة المكيدة، وفيها الفتاة صديقته تلك، وبدل أن تحمل الأيس كريم، كصورته مع حبيبته، كانت تلوح بإصبعها الأوسط للكاميرا، قال حينها أنها اغتاظت كثيرًا عندما رأت تلك الصورة، وقد ارتاح قلبه عندما غاظها، أو هكذا رأى. لم استوعب فكرة المكايدة بين الأحبة، ولم المكايدة، ونحن نستطيع بكل بساطة وأريحية أن نتذكر اللحظات الجميلة، ونتحرك في سلام في دائرة حياتنا. لمحتها قادمة أمامي تعبر الزحام، باحثة عن الرجل، اصطنعت انشغالي في الحديث مع صحبتي، حسست يد أنثوية على كتفي اليمين، نظرت لها، كانت تبتسم كعادتها، ابتسمت بتلقاء نفسي، وقفت أحييها، تكلمنا سريعًا، حيتني، وانتلقت مغادرة، اختفت تدريجيًا بين الزحام، تمنيت لو كنت تحركت  خلفها، جذبتها واحتضنتها، وقولت لها إنني افتقدها ، وافتقد وجودها، لكنني لم أفعل، استيقظ من نومي ، ذهبت لعملي هائمًا، أنهيت عملي وأخذتني قدماي إلى المقهى لأجلس، متمنيًا أن أراها صدفة، كما الحلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مذكرات مخبأة في درج الكوميدينو- أشرف دولسي (1)

(1) أشرف دولسي في حقيقة الأمر لم أعد أكترث، مشيت خطوتين بالعدد قاصدًا المقهى، لكنني تراجعت، وقررت العودة، والصعود إلى منزلي، مشيت خط...